في كل فترة من التاريخ، ظهرت أبيات الشعر التي تعبّر عن المدح والفخر بأشخاص معيّنين أو بأماكن أو أعمال تستحق الإشادة تعتبر هذه الأبيات من أعظم الأشكال الشعرية التي تسلط الضوء على قيم الفخر والإعجاب والتقدير فعندما يتم توظيف اللغة الشعرية بمهارة وفنّ، يمكن للشاعر أن يعبّر عن مشاعره الإيجابية والاحترام العميق لشخص ما أو للإنجازات العظيمة وسوف نتناول في هذا المقال الكثير من أبيات شعر مدح وفخر قصيرة من ديوان العرب واشعارهم قديمًا وحديثًا.
مفهوم المدح والثناء
في العصور القديمة، كان المدح جزءًا من أخلاق وتقاليد الشعراء والأدباء، وقد حظي بأهمية كبيرة في الثقافات المختلفة فقد كانت أبيات المدح توجه للعديد من الأشخاص مثل الأم والأب والأخ والصديق والمعلم. كما كانت تُوجه أيضًا للأمراء والملوك في العصور القديمة. وتتنوع أساليب المدح بين الفخر والثناء، وقد يتضمن المديح الإشارة إلى النسب والعرق والمنزلة في هذه المقالة، سنقدم لكم مجموعة من الأبيات الشعرية عن المدح وأجمل كلمات الثناء. ستجدون في هذه الاشعار تعابير رقيقة ومؤثرة تعكس الإعجاب والتقدير العميق. سنستعرض أيضًا أمثلة على أبيات الشعر التي تحمل في طياتها المدح والفخر.
شعر المدح عند المتنبي
شعر المدح عند المتنبي يعتبر من أبرز أعماله الشعرية المتنبي (المتوفى حوالي 965م) كان شاعرًا عربيًا مشهورًا في العصر العباسي، ويُعتبر أحد أعظم الشعراء في تاريخ الأدب العربي ويتميز شعر المدح عند المتنبي بأسلوبه البليغ واستخدامه للمفردات والصور الغنية والقوية كان يُعبّر فيه عن المدح والثناء لأمراء وحكام العصر، وغالبًا ما كانت تلك الأشعار توجه للخلفاء والأمراء والملوك والحكام، مع توضيح مكانتهم وشجاعتهم وحكمتهم.إن شعر المدح عند المتنبي يُعَدُّ مرجعًا هامًا لفهم الأسلوب الشعري العربي التقليدي وتقدير القيم الأدبية والثقافية التي كانت مهمة في تلك الفترة التاريخية. تعكس أبياته عمق التأثير الذي يمكن أن يحققه شعر المدح في تعزيز الفخر والاعتزاز بالأفراد والمجتمعات.
أبيات شعر المدح للمتنبي
من أبرز قصائد المدح عند المتنبي ما ذكره في مدح الخلفاء والحكام ومن أمثلة ذلك قوله :
- قد زُرْتُهُ وَسُيُـوفُ الهِنْـدِ مُغْمَـدَةٌ وَقـد نَظَـرْتُ إلَيْـهِ وَالسّيُـوفُ دَمُ
- فكـانَ أحْسَـنَ خَلـقِ الله كُلّهِـمِ وَكانَ أحسنَ ما فِي الأحسَنِ الشّيَـمُ
- فَوْتُ العَـدُوّ الـذي يَمّمْتَـهُ ظَفَـرٌ فِـي طَيّـهِ أسَـفٌ فِي طَيّـهِ نِعَـمُ
- قد نابَ عنكَ شديدُ الخوْفِ وَاصْطنعتْ لَكَ المَهـابَـةُ ما لا تَصْنَـعُ البُهَـمُ.
وايضا ما قاله في قصيدته عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ:
- عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ وَتَـأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
- وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
- تَمُرُّ بِكَ الأَبطالُ كَلمى هَزيمَةً وَوَجهُكَ وَضّاحٌ وَثَـغرُكَ باسمُ
- تَجاوَزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنُهى إِلى قَولِ قَومٍ أَنتَ بِالغَيبِ عالِمُ.
شعر المدح عند الشريف الرضي
الشريف الرضي اشتهر بأعمال عديدة تعكس موهبته الشعرية وفكره العميق يُعد الشريف الرضي واحدًا من الشعراء الفحول الذين تميزوا بموهبتهم وتأثيرهم في الأدب العربي يمتاز شعره بالجزالة والقوة والعذوبة، وقد تناول في قصائده العديد من القضايا الاجتماعية والروحانية التي تعكس رؤيته الشعرية العميقة ومن أمثلة أبيات شعر المدح عند الشريف الرضي :
- قَرَّت عُيونُ المَجدِ وَالفَخرِ بِخِلعَةِ الشَمسِ عَلى البَدرِ
- صَبَّت عَلى عِطفَيهِ أَطرافَها مُعلَمَةً بِالعِزِّ وَالنَصرِ
- كَأَنَّها خِلعَةُ ثَوبِ الدُجى في عاتِقِ العَيّوقِ وَالنَسرِ
- زَرَّ عَلَيهِ المَلكُ فَضفاضَها وَإِنَّما زَرَّ عَلى النَسرِ
- خَطَوتَ فيها غَيرَ مُستَكبِرٍ خَطوَ السُها في خِلَعِ الفَجرِ
- جاءَت عَوانًا مِن تَحِيّاتِهِ وَأَنتَ مِنها في عُلىً بِكرِ
- فَكُلَّ يَومٍ أَنتَ في صَدرِهِ فارِسُ طِرفِ الحَمدِ وَالأَجرِ
- تَغدو بِكَ الأَيّامُ نَهّاضَةً تَطلُعُ مِن مَجدٍ إِلى فَخرِ
- فَاِنهَض فَلَو رُمتَ لَحاقَ العُلى صافَحتَ أَيدي الأَنجُمِ الزُهرِ
- وَلَو زَجَرتَ المُزنَ عَن صَوبِهِ لَضَنَّتِ الأَقطارُ بِالقَطرِ
- وَضَمَّتِ الأَنواءُ أَخلافَها كَما استَمَرَّ الماءُ في الغُدرِ
أبيات شعر مدح وفخر للبحتري
البحتري هو أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي يُعتبر شعره من أروع الأعمال الشعرية في التاريخ العربي ويُطلق على شعره لقب “سلاسل الذهب”، وهو واحد من الثلاثة الشهيرة في عصرهم، إلى جانب المتنبي وأبو تمام يتميز شعر البحتري بأسلوبه الراقي والفذ، واستخدامه البارع للمفردات والتشبيهات والصور الجميلة كما يتناول في قصائده مختلف المواضيع، مثل الحب والغزل والمديح والثناء، ويعبر عنها بطريقة مبدعة ومشوقة ومن امثلة أبيات شعر مدح وفخر للبحتري:
- أَحِجابًا بَعدَ المَديحِ وَمَطلًا بَعدَ وَعدٍ مَن ذا بِهَذَينِ يَرضى
- لَيسَ مِثلي عَلى الهَوانِ أَبا نَصرٍ وَلا الذُلِّ في المَواطِنِ أَغضى
- أَجَعَلتَ الجَزاءَ لي مِن مَديحي كَ اِطِّراحًا وَغَفلَةً ما تُقَضّى
أبيات متنوعه عن الفخر
يقول الشاعر خليل مطران:
- يَا فَخْرَ مِصْرَ وَلِلْمَشَارِقِ سَهْمُهَا مِمَّا كِنَانَتُهَا بهِ تَتَنَبَّلُ
- أُولَيْتَ أَرْفَعَ رُتْبَةٍ فَمَقَامُهَا بِكَ فِي نَظَائِرِهَا المَقَامُ الأوَّلِ
يقول الشاعر الشاب الظريف:
- لَعَمْرُكَ مَا الفَخْرُ العِرَاقيُّ مَيِّتٌ وَإِنْ كَانَ مَا بَيْنَ القُبُورِ لَهُ قَبْرُ
- وَلِكنَّها الأُخْرى أَتَتْ وَتَزَيَّنَتْ وَفَاخَرَتِ الدُّنْيا وكان لَها الفَخُرُ
يقول الشاعر إبراهيم الأسود:
- أمير الفخر والمجد التليد وفرد الدهر من كرم وجود
- حديث علاك للأفواه طيب وللأسماع أطرب من نشيد
- ولو نظموه في سمط لاغنى حسان الغيد عن عقد فريد
- تلوه في الهجوه علي حتى نعمت بطيبه بعد الهجود
يقول الشاعر ابن معتوق:
- حصن العليّة بفخرك زاد فخر وسما حتى بروجهُ غدت تحكي بروج السما
- حصن جعلتهُ لشدات الدهر معصما لا زال سوره سوار وأنت له معصما.
أبيات متنوعة عن المدح
كتب الشعراء الكثير من شعر المدح على مر العصور، ومن أجملها ما يأتي:
- لو كانَ يقعدُ فوقَ الشّمس من كرمٍ قومٌ لقيل اقعدوا يا آل عبّاسِ
- ثمَّ ارتقوا في شُعاع الشمس كلكمُ إلى السماءِ فأنتمْ سادة الناسِ
- أَبَا هِنْـدٍ فَلاَ تَعْجَـلْ عَلَيْنَـا وَأَنْظِـرْنَا نُخَبِّـرْكَ اليَقِيْنَــا
- بِأَنَّا نُـوْرِدُ الـرَّايَاتِ بِيْضـاً وَنُصْـدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رُوِيْنَـا
- حْمِلُه النّاقةُ الأَدْماءُ مُعتَجِرًا بالبُردِ كالبَدْرِ جَلّى لَيلةَ الظُّلَمِ
- وفِي عِطَافَيْهِ أوْ أثْنَاءِ بُرْدَتِهِ ما يَعلمُ اللهُ مِن دِينٍ ومِن كَرَمِ
- ولقد أُصاحِبُ صاحِباً ذَا مَأْقةٍ بِصِحَابِ مُطَّلِعِ الأَذَى نِقْرِيس
- ولقد أُزَاحِمُ ذَا الشَّذَاةِ بِمِزْحَمٍ صَعْبِ البُدَاهةِ ذي شذاً وشَرِيسِ
أنواع شعر المدح
شعر المدح يتنوع في أنواعه وأساليبه، ويمكن تصنيفه بشكل عام إلى نوعين رئيسيين:
- المدح التكسبي: يتميز هذا النوع من المدح بأنه يكتب بهدف كسب المنافع المادية أو الاجتماعية يتم توجيهه للأشخاص الذين يمتلكون السلطة والنفوذ أو الثروة، بهدف الحصول على صفقات تجارية أو دعم اجتماعي يكون الشعر في هذا النوع عادةً خالٍ من العواطف الصادقة ويتم التلاعب بالكلمات لتحقيق الأهداف المرجوة.
- المدح الصادق: يعد المدح الصادق أكثر صدقًا وصراحة في التعبير عن الإشادة والثناء على الشخص الممدوح يتم كتابة هذا النوع من المدح بصدق وإخلاص، حيث يشهد الشاعر بالصفات الحسنة والمميزة للشخص وإنجازاته الحقيقية يكون الشعر في هذا النوع أكثر ملاءمة للواقع ويعبر عن العاطفة والإعجاب الحقيقي.
يجب الإشارة إلى أن هذه التصنيفات قد تتداخل في بعض الأحيان، وقد يكون هناك تداخل بين المدح التكسبي والصادق في نصوص الشعر ويعتمد نوع شعر المدح المستخدم على الهدف والنية والسياق الذي يكتب فيه الشعر.
أشعار المدح عند أحمد شوقي
قصيدة “ولد الهدى” للشاعر أحمد شوقي تُعتبر واحدة من أشهر قصائد الشعر المدح والفخر عند أحمد شوقي في العصر الحديث وُلِدَ أحمد شوقي في القاهرة، وتألق في كتابة الشعر في مجالات مختلفة مثل الغزل والمدح والوصف، بالإضافة إلى الشعر الاجتماعي الذي عكس القضايا والمشاكل الاجتماعية في ذلك الوقت في قصيدة “ولد الهدى”، قدم أحمد شوقي مدحاً رائعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث عبّر عن حبه العميق وإعجابه الكبير بهذه الشخصية النبيلة والمثالية اعتبره رمزًا للهدى والرحمة والإرشاد، ووصفه بصفات الجود والكرم والنبل تُعد قصيدة “ولد الهدى” إحدى أبرز قصائد أحمد شوقي، حيث تتميز بقوة التعبير والعاطفة العميقة التي تنبعث منها تعكس هذه القصيدة ومن خلالها يتجلى حب الشاعر للنبي محمد صلى الله عليه وسلم واحترامه العميق له كقدوة.
قصيدة ولد الهدى لشوقي
بهذه القصيدة، استطاع أحمد شوقي أن يلمس وجدان القُرَّاء وينقل لهم قيمة وجلال رسالة النبوة ومكانة الرسول في قلوب المسلمين ومن خلال تلك الأبيات القصيرة، أصبحت “ولد الهدى” لشوقي رمزًا لشعر المدح والفخر في العصر الحديث، واستمرت في إلهام الشعراء والقرَّاء على مر الزمان ومن أبيات القصيدة:
- وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ
- الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ
- وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
- وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا بِـالـتُـرجُـمـ انِ شَـذِيَّةٌ غَنّاءُ
- وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديعُ رُواءُ
- نُـظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ فـي الـلَـوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
- اِسـمُ الـجَـلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ أَلِـفٌ هُـنـالِـكَ وَاِسمُ طَهَ الباءُ
- يـا خَـيـرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا
- بَـيـتُ الـنَـبِـيّينَ الَّذي لا يَلتَقي إِلّا الـحَـنـائِـفُ فـيهِ وَالحُنَفاءُ
- خَـيـرُ الأُبُـوَّةِ حـازَهُـم لَكَ آدَمٌ دونَ الأَنــامِ وَأَحــرَزَت حَـوّاءُ
- هُـم أَدرَكـوا عِـزَّ النُبُوَّةِ وَاِنتَهَت فـيـهـا إِلَـيـكَ الـعِزَّةُ القَعساءُ
- خُـلِـقَـت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها إِنَّ الـعَـظـائِـمَ كُفؤُها العُظَماءُ
- بِـكَ بَـشَّـرَ الـلَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت وَتَـضَـوَّعَـت مِـسكاً بِكَ الغَبراءُ
- وَبَـدا مُـحَـيّـاكَ الَّـذي قَسَماتُهُ حَـقٌّ وَغُـرَّتُـهُ هُـدىً وَحَـيـاءُ
- وَعَـلَـيـهِ مِـن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ وَمِـنَ الـخَـلـيلِ وَهَديِهِ سيماءُ
- أَثـنـى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ وَتَـهَـلَّـلَـت وَاِهـتَـزَّتِ العَذراءُ
- يَـومٌ يَـتـيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ وَمَـسـاؤُهُ بِـمُـحَـمَّـدٍ وَضّاء
مدح الرسول لحسان بن ثابت
قصيدة “وأحسن منك لم تر قط عيني” هي إحدى أشهر قصائد حسان بن ثابت بن المنذر، وهو صحابي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم يُعتبر حسان بن ثابت من أبرز الشعراء في عصر الجاهلية والإسلام، وقد تميز بقدرته على الشعر وفصاحته في التعبير قصيدة “وأحسن منك لم تر قط عيني” تعتبر قصيدة مدحية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يُعبِّر حسان بن ثابت عن إعجابه الكبير وحبه العميق للنبي وعن تفوقه في جميع الصفات والخصائص. يصفه بالكمال والجمال والفضائل، ويقارنه بالشخصيات العظيمة من الأنبياء والرسل في التاريخ.تعد قصيدة “وأحسن منك لم تر قط عيني” لحسان بن ثابت إحدى أجمل وأعظم قصائد الفخر والمدح في الأدب العربي. تتميز بإيقاعها الشعري الجميل وعباراتها الرائعة التي تعبر عن الإعجاب والتقدير العميق للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
أبيات قصيده حسان بن ثابت
- وأَحسنُ منكَ لم ترَ قطُّ عيني
- وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ
- خلقتَ مبرأً منْ كلّ عيبٍ
- كأنكَ قدْ خلقتَ كما تشاء